كيف يهدد تلوث الأوزون صحة القلب؟

أظهرت دراسة واسعة النطاق -نُشرت أمس الجمعة- أن ثمة ترابطا بين تلوث الهواء بالأوزون ومعدل دخول المستشفيات بسبب أمراض القلب، وهو ما يعد أحدث تحذير من المخاطر الصحية لغازات الاحتباس الحراري.

فطبقة الأوزون الموجودة في الغلاف الجوي العلوي تساعد على منع الأشعة فوق البنفسجية الضارة من الوصول إلى الأرض، غير أن التلوث الذي تشهده معظم المدن الكبرى في العالم يهدد هذا الدور الذي تقوم به طبقة الأوزون.

ونبه العلماء على أن نوعا مختلفا من تلوث الهواء يتألف من الجسيمات الدقيقة المعروفة باسم "بي إم 2.5" (PM2.5) -التي يبلغ قطرها 2.5 ميكرون أو أقل- يتسبب في نحو 8.8 ملايين حالة وفاة مبكرة سنويا، لكن التأثير الكامل لتلوث الأوزون على الصحة لا يزال يخضع لدراسات وأبحاث.

الهواء الملوث يسبب سرطان الرئة تلوث الهواء يأتي في مقدمة العوامل البيئية المسببة للسرطان. 02.11.2022

مخاطر دخول المستشفى

ويتكون الأوزون في الغلاف الجوي عن طريق تفاعل كيميائي عندما يتحد ملوثان، غالبا ما ينبعثان من السيارات أو النشاط الصناعي، بوجود ضوء الشمس، وقد ثبت أنهما يتداخلان مع عملية التمثيل الضوئي للنباتات ونموها.

وأوضح الباحثون أن الدراسة الجديدة هي الأولى من نوعها التي تقيّم مخاطر دخول المستشفى بسبب أمراض القلب عندما ترتفع مستويات الأوزون فوق المعدل اليومي المقبول وفق معايير منظمة الصحة العالمية، الذي يبلغ 100 ميكروغرام لكل متر مكعب من الهواء.

وأِشارت الدراسة إلى أن الباحثين دققوا في بيانات دخول المستشفيات، بين عامي 2015 و2017 في 70 مدينة صينية، تم جمعها لأغراض التأمين الصحي، وتخص هذه البيانات 258 مليون شخص في هذه المدن.

وقارن الباحثون حالات دخول المستشفى مع بيانات جودة الهواء التي تم تتبُعها في الوقت الفعلي في هذه المدن.

وتوصلت الدراسة إلى أن الأوزون، بغض النظر عن الملوثات الأخرى، مرتبط بأكثر من 3% من حالات دخول المستشفى بسبب أمراض القلب التاجية وفشل القلب والسكتة الدماغية.

كذلك ارتبطت كل زيادة قدرها 10 ميكروغرامات من الأوزون لكل متر مكعب من الهواء بزيادة قدرها 0.75% في حالات العلاج في المستشفى بسبب النوبات القلبية، وزيادة بنسبة 0.40% في حالات السكتة الدماغية.

تلوث الهواء يزيد مخاطر الإصابة بمرض الكلى المزمن تلوث الهواء يؤثر بشكل مباشر على الكليتين، ويزيدمخاطر الإصابة بمرض الكلى المزمن. 03.09.2018

وقال مؤلف الدراسة شاوي وو من جامعة "شيان جياوتونغ" وزملاؤه لوكالة الصحافة الفرنسية "رغم أن هذه الزيادات تبدو متواضعة، فإن التأثير يتضاعف أكثر من 20 مرة عندما ترتفع مستويات الأوزون فوق 200 ميكروغرام في الصيف".

وشرح الباحثون أن ثمة ارتباطا بين التلوث بالأوزون و15% من النوبات القلبية و8% من السكتات الدماغية، وفق هذا المثال الذي يُعَدُ حالة قصوى.

أساسي للصحة والمناخ

دعا الباحثون إلى اتخاذ إجراءات أكثر تشددا للحد من استهلاك الوقود الأحفوري، بالإضافة إلى اعتماد نظام تنبيه يتيح للناس الحد من تعرضهم في الأيام التي يكون فيها التلوث بالأوزون عاليا.

ونظرا إلى أن الدراسة كانت قائمة على الملاحظة، فلم تتوصل إلى إظهار علاقة مباشرة بين تلوث الأوزون والتسبب بأمراض القلب.

لكن كريس مالي -الباحث في تلوث الهواء في جامعة "يورك" في بريطانيا، والذي لم يشارك في الدراسة- اعتبر أنها شكلت "إضافة ذات وزن إلى الأدلة المتزايدة على وجود علاقة سببية".

تلوث الهواء يزيد خطر الإصابة بـ"السكري" حذّرت دراسة أمريكية حديثة من أن تلوث الهواء الخارجي حتى في المستويات التي تعتبر آمنة يزيد خطر الإصابة بداء السكري على مستوى العالم. 05.07.2018

وعام 2017، قدّر بحث -أجري بقيادة مالي- أن تلوث الأوزون مرتبط بأكثر من مليون حالة وفاة سنويا بسبب أمراض الجهاز التنفسي.

عبء صحي

وقال مالي لوكالة الصحافة الفرنسية "إذا أضيفت أمراض القلب والأوعية الدموية إلى هذا المجموع، فإن العبء الصحي سيكون أعلى بكثير مما كنا نتوقعه".

وأضاف أن "الأوزون ليس مجرد تهديد لصحة الإنسان، بل له دور كبير في تغير المناخ".

ورأى أن "اتخاذ إجراءات للحد من التلوث بالأوزون هو وسيلة رئيسية لتحسين الصحة العامة ومكافحة تغير المناخ في الوقت نفسه".

المصدر : الفرنسية